#شعر | كريم معتوق:تذكارات الحرب

فن وثقافة

الآن 1871 مشاهدات 0


"ودُموعٌ تمْلَأُ الشارِعَ
شيخٌ طاعنٌ غصَّ من اليأسِ
ومن صَبرٍ نَفدْ
قلتُ يا شِعرُ مَدَدْ"

حين تكون الدموع انعكاسا مأساويًّا لفداحة الكارثة،وتتراكم أشواك اليأس في قلب الشيخ الطاعن ، يتعثر الصبر في خطوته الأخيرة ، ولاتبقى سوى قوافل الكلمات تمرُّ على دروب المأساة مثقلة الخُطى.

هنا الشاعر الإماراتي الرائع كريم معتوق المسكون بمأساة غزة وآلام الأمة يكتب أو تكتبه قصيدة رائعة- واعية - بما تنطوي عليه من عمق شعري يجلو تفاصيل الأحداث بكل مافيها من حزن ، لربما تستيقظ إنسانية العالم البشري الزائف:


أيُّها الشِعرُ مَدَدْ
أيُّها الشعرُ الذي مرَّ على الأطلالِ
دهراً وكَسَدْ
يقِفُ الشعرُ على قارِعَةِ الحُزْنِ
بعجزٍ فاتحاً صدْرَ القَواميسِ
إذا المَعنى ابتَعَدْ

تقِفُ الحربُ فنُحْصِي
كمْ يَدٍ مقْطوعَةٍ كمْ طفلةٍ ماتتْ
وكمْ مِن لغةٍ تُكتَبُ في هذا الجسَدْ
كمْ جدارٍ نامَ فوقَ الأرضِ
لمْ يستَأْذِنِ الشّبّاكَ في النومِ
وكمْ سقْفٍ سجَدْ

بدَأَ العَدُّ لنُحْصِي
ما روته الحربُ لمّا غادَرَتْ
نُحصِي وإنْ ضاعَ العَدَدْ
حَلَقٌ مِن غيْرِ أُذْنٍ
لعْبَةٌ مِن غيرِ طفْلٍ
وصُراخُ امرأةٍ في آخِرِ الشارِعِ
من غيْرِ سَنَدْ

قلمٌ مسطرةٌ ممحاةُ درسِ الرسْمِ
أوراقٌ لدرسِ النحوِ والانشاءِ
سبورةُ فصلٍ فوقها الحكمة
من جدَّ وجدْ

وقَواريرُ مِنَ الزرْعِ بلا ماءٍ
بها الورْدُ تَناسَى مِهنَةَ العِطْرِ
تَناسَى ما وَعَدْ
ودُموعٌ تمْلَأُ الشارِعَ
شيخٌ طاعنٌ غصَّ من اليأسِ
ومن صَبرٍ نَفدْ
قلتُ يا شِعرُ مَدَدْ

طفلَةٌ تحضُنُ حزْنَ الأرضِ
عيناها سؤالٌ يملأُ الأفْقَ
انتظاراً ورَصَدْ
دونَ نعليْنِ
وفي ساعِدِها الأيسَرِ ترتاحُ بَقايا
ربْطةِ الخبزِ
وفي ساعِدِها الأيمنِ يرْتاعُ وَلَدْ
ذكرياتٌ من جحيمٍ
أجملُ الذِكرى من الحربِ بأنْ تُنسَى
كما يُنسى الأبَدْ

ها أنا العاجزُ لا يُسعِفُني شِعرٌ
وإنْ ناديْتُ يا شِعرُ مَدَدْ
غيرَ قَولٍ يمنحُ الروحَ ارتِقاءً
وله في محْفِلِ الإيمانِ
ركنٌ ووَتَدْ

شاهدٌ لا يكتُبُ التاريخَ إلا ما تَوارَى
شاهدٌ ما قالَ إلا ما شَهِدْ
يا لَتذْكاراتِ هذي الحربِ ، ربّي
" قلْ هو اللهُ أحَدْ "
" قلْ هو اللهُ أحَدْ "

تعليقات

اكتب تعليقك